المجال: فلسفة الدين - المذهب: الأرسطية الأفلاطونية |
يقول أنسلم: نؤمن أنك يا الله عظيم، ولا شيء أعظم منك يمكن أن تتوق له عقولنا.
مع أن المفكرين المسيحيين أعتقدوا إيمانا بوجود الله، فإنهم كانوا في العصور الوسطى ميالين لتبيين أن وجود الله ممكن إثباته بالحجة العقلية. فأخترع القديس أنسلم البرهان الوجودي، الذي يعد أكثر البراهين شهرة على الإطلاق. كان أنسلم فيلسوفا إيطاليا من القرن الحادي العشر، أقام برهانه على المنطق الأرسطي والتفكير الأفلاطوني، وعلى عبقريته الخاصة.
يتخيل أنسلم أنه يجادل أبلها ينكر وجود الله. يقوم البرهان على مسلمتين: الأولى، أن الله هو "أعظم شيء يمكن التفكير به". والثانية، أن الوجود خير من العدم. في نهاية البرهان يجبر الأبله إما إلى أن يناقض نفسه فيكون متهافتا، وإما أن يعترف بوجود الله.
العديد من الفلاسفة قبلوا البرهان، كرينيه ديكارت وباروخ سبينوزا. ولكن بعض الفلاسفة أتخذ جانب الأبله. أحد معاصري أنسلم وهو جاونيلو المارومي، قال أنه بالإمكان أستخدام نفس هذا البرهان لإثبات وجود جزيرة رائعة، أكبر من أي جزيرة يمكن التفكير بها. وفي القرن الثامن عشر، أعترض إيمانويل كانط أن البرهان يتعامل مع الوجود وكأنه صفة للأشياء، كما لو أنني يمكن أن أصف معطفي بأنه: "أخضر، ومصنوع من الصوف، وموجود". فالوجود ليس كالخُضرة. ولو لم يوجد المعطف لما أمكن أن يكون أخضرا أو صوفا.
كذلك يعتقد كانط أن أنسلم مخطئ في قوله أن ما يوجد في الواقع وفي الذهن معا، خير مما يوجد في الذهن دون الواقع. ولكن الفلاسفة الآخرون لا يتفقون مع كانط. أليست لوحة فنية حقيقية خير من الصورة الذهنية للوحة التي توجد في ذهن الرسام قبل أن يبدأ عمله؟
كذلك يعتقد كانط أن أنسلم مخطئ في قوله أن ما يوجد في الواقع وفي الذهن معا، خير مما يوجد في الذهن دون الواقع. ولكن الفلاسفة الآخرون لا يتفقون مع كانط. أليست لوحة فنية حقيقية خير من الصورة الذهنية للوحة التي توجد في ذهن الرسام قبل أن يبدأ عمله؟
حوار أنسلم والأبله
أنسلم: هل تتفق أنه لو وجد الله لكان أعظم شيء ممكن أن يوجد، وأن "لا شيء أعظم منه يمكن التفكير به"؟
الأبله: أجل.
أنسلم: وهل تتفق أن ذلك "الذي لا يمكن التفكير بما هو أعظم منه" موجود في عقلك؟
الأبله: أجل، موجود في عقلي، ولكن ليس له وجود في الواقع.
أنسلم: لكن ألن تتفق معي أن شيئا يوجد في العقل وفي الواقع على حد سواء هو شيء أعظم من شيء يوجد في العقل فقط؟
الأبله: أجل، أظن هذا. فمثلجات في يدي أفضل من مثلجات في خيالي.
أنسلم: إذن لو وجد "الشيء الذي لا أعظم منه يمكن التفكير به" في عقلك فقط، لكن أقل عظمة من لو وجد في الواقع.
الأبله: هذا صحيح، الموجود أعظم من المتخيل.
أنسلم: إذن فأنت تقول أن هناك شيء أعظم من ذلك "الذي لا يوجد ما هو أعظم منه"؟
الأبله: هذا كلام فاسد.
أنسلم: بالضبط، والطريقة الوحيدة لتفادي هذا التناقض هو الإعتراف أن الله (الذي لا يوجد ما هو أعظم منه) موجود، في الذهن وفي الواقع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق