الجمعة، 22 نوفمبر 2013

ريتشارد رورتي (١٩٣١-٢٠٠٧): اللغة ليست صورة للواقع


المجال: الأخلاق - المقاربة: البرجماتية
كان ريتشارد رورتي فيلسوفا برجماتيا أمريكيا، ومفكرا عموميا، خير ما عرف به نقده الشامل للتصور الحديث للفلسفة الذي يراه مشروعا متشبها بالعلم في رغبته لتحصيل حقيقة موضوعية ويقينية. وفي السياسة رفض اليسار واليمين، مفضّلا "ليبرالية برجوازية" مصلحة ومحسّنة.

التحق رورتي، وهو ابن لمفكرين يساريين قطعا مع الحزب الشيوعي الأمريكي في مطلع الثلاثينات، بجامعتي تشيكاغو وييل، حيث حصل على شهادة الدكتوراه عام ١٩٥٦، وبعد أن قضى عامين في الجيش، درّس الفلسفة في كلية ويلسلي (من ١٩٥٨ إلى ١٩٦١)، وجامعة برنستون (من ١٩٦١ إلى ١٩٨٢)، قبل أن يتسنم منصبا في قسم الإنسانيات في جامعة فرجينيا. ومن عام ١٩٩٨ وحتى تقاعده عام ٢٠٠٥، درّس روتي الأدب المقارن في جامعة ستانفورد.

من الأسهل توصيف أفكار رورتي في الأشياء التي يرفضها، أكثر من الأشياء التي يقبلها. ففي الإبيستمولوجي يعارض التأسيسية، وهي رؤية تقول أن من الممكن تقعيد أو تسويغ المعرفة على أساس من التقريرات التي لا يخالجها الشك، فبالنسبة لنظريته في "الإبيستمولوجيا السلوكية"، لا يوجد تقرير أكثر يقينية من التقريرات الأخرى، ولا يوجد تقرير يمكن تسويغه بصورة نهائية، إنما يسوّغ نسبة إلى تقييدات معينة، وإلى محددات ضمنية تربطه بتقريرات إضافية. في فلسفة اللغة يرفض رورتي تقويم الجمل والمعتقدات في معيار "الصح" أو "الخطأ"، وإنما في معيار مدى فائدتها أو نجاعتها في ممارسة اجتماعية معينة. كذلك يعارض التمثيلية، وهي الرؤية التي تقول أن الوظيفة الرئيسة للغة هي تقديم تمثيل أو تصوير موضوعي للواقع. وأخيرا في الميتافيزيقا يرفض الواقعية والمثالية، معتبرا إياها نتاجا فاسدا للرؤية التمثيلية للغة.

ولأن رورتي لم يؤمن بحقائق مطلقة أو يقينية، فهو لم يدعو لنشاط فلسفي يسعى لتحصيل هذا النوع من الحقائق. ولهذا، آمن أن دور الفلسفة هو إجراء "حوار" فكري بين التحقيقات الفكرية المختلفة، والصالحة على حد سواء، والتي تتضمن العلم والأدب والسياسة والدين وغيرها، بهدف تحقيق فهم متبادل ورفع الخلافات. هذه الرؤية العامة تنعكس على أعمال رورتي السياسية، التي يدافع فيها بشكل مستمر عن يسارية ليبرالية تقليدية، منتقدا الأشكال الجديدة لليسارية الثقافية وكذا المواقف المحافظة.

يدفع روتي عن نفسه تهم النسبوية والذاتانية بقول أنه يرفض التفريقات الحاسمة التي تقتضيها هذه المذاهب. منشوراته تتضمن: الفلسفة ومرآة الطبيعة (١٩٧٩)؛ تبعات البرجماتية (١٩٨٢)؛ العارضية والسخرية والتضامن (١٩٨٩).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق