المجال: الإبيستمولوجيا - المقاربة: الوجودية |
فكرة كامو تظهر في مقالته "أسطورة سيزيف"، سيزيف كان ملكا إغريقيا غضبت منه الآلهة، فحكمت عليه بمصير بشع في الجحيم. فُرض عليه دحرجة صخرة عظيمة إلى أعلى التلة، وحين يصل إلى الأعلى تتدحرج الصخرة إلى الأسفل، ويلحقها سيزيف إلى الأسفل مُعيدا الفرض مرة تلو أخرى، وهكذا يعيده إلى الأبد. كامو بالغ الإعجاب بهذه الأسطورة، لأنها بدت له تختزل خلو حياتنا من المعنى، وعبثيتها. فالحياة نضال مستمر في إنجاز أشياء في جوهرها لا معنى لها.
يقر كامو أن غالبية ما نفعله يبدو ذو معنى. ولكنه يقترح شيئا غاية في الحذق؛ فمن ناحية نحن كائنات واعية لا حول لها سوى أن تحيا الحياة كما لو أنها ذات معنى، ومن ناحية أخرى فهذا المعنى لا يقطن في الدنيا، إنه موجود فقط في عقولنا. فالدنيا جملة لا معنى لها ولا غاية، إنها وجود محض. ولكننا خلافا لباقي الكائنات الحية نملك وعيا، فلذا نحن كائنات من النوع الذي يجد معنى ومغزى في كل شيء.
الاقرار بالعبث
بالنسبة لكامو، فالعبث هو الشعور الذي ينتابنا حين نسلِّم بأن المعنى الذي نسبغه على الحياة لا يوجد خارج ذهننا؛ إنه حالة تناقض بين شعورنا بمعنى الحياة، وبين معرفتنا بأن الدنيا جملة هي من دون معنى.يبحث كامو في معنى العيش في ضوء هذا التناقض، فيزعم أنه فقط حين نقبل حقيقة أن الحياة خلو من المعنى، وأنها عبث، يمكننا أن نحياها بالتمام. فباعتناق العبث، تصير حياتنا ثورة مستمرة ضد دنيا خالية من المعنى، وهكذا نحيا أحرارا.
تعهد الفيلسوف توماس ناجل هذه الفكرة إلى مدى أبعد، فقال أن عبث الحياة كامن في طبيعة الوعي، لأنه مهما أخذنا الحياة بجدية فإننا لا نُعدم منظور يقول لنا أن هذه الجدية يجب أن تُساءل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق