السبت، 30 نوفمبر 2013

بارمنيدس (٥١٥-٤٤٥ق.م): الكل واحد

المجال: الميتافيزيقا - المذهب: الواحدية
فهم الكون (الكوسموس) هو أحد أقدم المطالب الفلسفية؛ في القرن العشرين قدمت فيزياء الكم أدلة على صحة أفكار بارمنيدس التي توصل إليها باستخدام العقل فقط. 
الأفكار التي قدمها بارمنيدس أحدثت تحولا عظيما في الفلسفة الإغريقية. متأثرا بالتفكير المنطقي والعلمي لفيثاغورس، وظّف بارمنيدس المنطق الاستنباطي في محاولة لكشف الطبيعة الحقيقة للعالم، وأدت به أبحاثه لاتخاذ موقف معاكس لموقف هرقليطس. 

من مقدمة أن شيئا ما يوجد (الذي هو الوجود)، استنبط بارمنيدس استحالة عدم وجود هذا الشيء (أي استحالة العدم)، لأن هذا يتضمن تهافتا منطقيا. ويتبع من هذا أن العدم محال، ولا يمكن أن يوجد الفراغ. وأنه يستحيل أن يجيء الوجود من العدم، وإنما يجيء من وجود قديم له هيئة مختلفة. والهيئة المستدامة لا يمكن أن تتغير، لأن الدائم متى ما طرأ عليه التغير لم يعد دائما. وعلى هذا، فالتغيّر الحقيقي مُحال. 

يستنتج بارمنيدس من هذا المسلك أن كل ما هو حقيقي لا بد أن يكون خالدا وغير متغير، ولا بد له من وحدة خافية تنتظمه: "الكل واحد". ما هو مهم للفلاسفة الذين تلوه، أن بارمنيدس أبان أن طريقة تفكرينا حيال العالم هي طريقة ركيكة ومتهافتة. قد يبدو لنا التغيّر في العالم، ولكن عقلنا يخبرنا أن التغير مُحال. والاستنتاج الذي نصل له أنه ليس بمقدورنا الاعتماد تماما على التجربة التي تزودنا بها حواسنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق