الأحد، 27 أكتوبر 2013

ويليم دو بويز (١٨٦٨-١٩٦٣): آمنوا بالحياة

المجال: الأخلاق - المقاربة: البرجماتية
في نهاية حياته الطويلة عام ١٩٥٧، كتب الأكاديمي الأمريكي والسياسي الرديكالي وناشط الحقوق المدنية ويليم دو بويز، كتب ما صار فيما بعد رسالته الأخيرة إلى العالم. عارفا أنه لم يبق له سوى القليل ليعيش، كتب قطعة قصيرة لتقرأ في جنازته. يفصح فيها دو بويز عن أمله في أن تستمر أفعاله الصالحة لأمد طويل بعد وفاته، لأجل أن تكون مبررا لحياته. وعن أمله في أن تنجز بعده الأشياء التي تركها غير ناجزة، وأن تُصلح وتحسّن الأشياء التي انجزها بصورة رديئة.

كتب دو بويز: "البشر، على الدوام، في تقدم مستمر تجاه حياة أعظم وأسمى". إنه تقرير نابع عن الإيمان لا عن الواقع. كما لو أن دو بويز يقول أن علينا أن نؤمن بمكانات حياة أسمى، وبامكانات التقدم، حتى نقدر على انجاز تقدم. في هذه الفكرة يظهر تأثير الحركة الفلسفية الأمريكية المدعوة بالبرجماتية على دو بويز. إذ تقول البرجماتية أن المهم ليس أفكارنا واعتقاداتنا في حد ذاتها فقط، بل وأيضا النتائج العملية. يقول دو بويز أن "الموت الحقيقي" هو أن نفقد إيماننا في إمكانية التقدم البشري. إنها تشير إلى جذور فلسفية عميقة تذهب بنا إلى فكرة "الازدهار الانساني" الإغريقية، فبالنسبة للفيلسوف أرسطو، الازدهار الانساني يتطلب عيش حياة ممتازة، قائمة على الفضيلة والعقل.


ناشط سياسي

يعد دو بوز أن أهم عائقين لعيش حياة ممتازة هما العنصرية وانعدام المساواة الاجتماعية. إنه يرفض العنصرية العلمية - أن السود أدنى جينيا من البيض - التي سادت في أغلب فترات عمره. يعتبر مشكلة العنصرية مشكلة اجتماعية صرفة لا أساس لها في البيولوجيا، وسبيل التصدي لها هو من خلال النشاط السياسي والاجتماعي.

لا يتعب دو بويز في بحثه عن حلول لكل صور انعدام المساواة الاجتماعية، ففي نظره أن انعدام المساواة الاجتماعية هو السبب الرئيس للجريمة، زاعما أن هناك صلة بين انعدام التعليم والتوظيف وبين ارتفاع مستوى الأنشطة الاجرامية. في رسالته الأخيرة إلى العالم، يذكرنا دو بويز بأن مهمة انجاز مجتمع عادل ما زالت قائمة، وأنه مرهون إلى الأجيال القادمة أن تؤمن بالحياة؛ لنستطيع الاستمرار في المساهمة في تحقيق "الازدهار الانساني".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق